CGTN: ما الذي يجعل التعاون بين الصين وفرنسا قصة نجاح متبادلة
بكين، 6 ديسمبر 2025 /PRNewswire/ -- مع قيام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بزيارته الرسمية الرابعة إلى الصين، نشرت شبكة تلفزيون الصين الدولية (CGTN) مقالاً يتناول بالتحليل كيف تحوّل التعاون بين الصين وفرنسا إلى قصة نجاح متبادلة، انطلاقاً من الالتزام المشترك بتوسيع التعاون في المجالات الاستراتيجية، وارتفاع مستوى الثقة السياسية بين الجانبين، والرؤية المشتركة لتعددية الأطراف في عالم متعدد الأقطاب.
افتتحت شركة إيرباص الفرنسية العملاقة في مجال صناعة الطيران خط التجميع النهائي الثاني لطائرات عائلة A320 في مدينة تيانجين الساحلية شمالي الصين في أكتوبر، ومن المقرر أن يساهم هذا الخط بنسبة 20 بالمائة من القدرة الإنتاجية العالمية لهذه السلسلة من الطائرات.
وأُبرزت أهمية مشروع تيانجين في أبريل 2023 عندما تم التوقيع رسمياً على الاتفاقية الإطارية بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة ماكرون السابقة للصين.
واليوم، ومع عودة ماكرون إلى بكين في زيارته الرابعة على مستوى الدولة، قال الرئيس شي خلال محادثاتهما يوم الخميس إن على الصين وفرنسا اغتنام الفرص المتاحة وتوسيع نطاق التعاون بينهما.
وبعد محادثات وُصفت بالودية والصريحة والمثمرة، أوضح شي أن الجانبين اتفقا على تعزيز الثقة السياسية المتبادلة. وأضاف الرئيس شي جين بينغ، خلال لقائه وسائل الإعلام برفقة ماكرون، أنه بغض النظر عن الكيفية التي قد تتغير بها البيئة الخارجية، فإنه يتعين على الصين وفرنسا إظهار الرؤية الاستراتيجية والاستقلالية اللتين تميزان الدول الكبرى، وتقديم التفهم والدعم المتبادلين في القضايا المرتبطة بالمصالح الجوهرية والانشغالات الرئيسية لكل منهما.
من جانبه، قال ماكرون إن فرنسا تولي علاقاتها مع الصين أهمية كبيرة وتتمسك بحزم بمبدأ الصين الواحدة، مضيفاً أن فرنسا مستعدة لمواصلة تعميق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين.
قائمة بالفرص
خلال المحادثات التي جرت بين شي جين بينغ وإيمانويل ماكرون في قاعة الشعب الكبرى يوم الخميس، أشار شي إلى أن الجلسة الكاملة الرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني تداولت واعتمدت التوصيات الخاصة بالخطة الخمسية الخامسة عشرة، بما يرسم مخططاً لتنمية الصين في السنوات الخمس المقبلة ويقدّم في الوقت نفسه قائمة من الفرص الجديدة للعالم.
وأضاف أن على الصين وفرنسا اغتنام هذه الفرص لتوسيع مساحة التعاون وتعزيز العلاقات في المجالات التقليدية مثل الطيران والفضاء والطاقة النووية، مع العمل في الوقت ذاته على استثمار إمكانات التعاون في مجالات الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الرقمي والطب الحيوي والذكاء الاصطناعي والطاقة الجديدة وغيرها من القطاعات الواعدة.
وقال ماكرون إن فرنسا مسرورة برؤية الديناميكية التي يتمتع بها الاقتصاد الصيني، والتي تعزز الانفتاح والتعاون وتتيح المزيد من الفرص للعالم.
وأوضح أن فرنسا ترحب بالمزيد من الاستثمارات الصينية على أراضيها، وأنها ستواصل توفير بيئة أعمال عادلة وغير تمييزية للمستثمرين.
تُعد الصين حالياً أكبر شريك تجاري لفرنسا في آسيا وسابع أكبر شريك تجاري لها على مستوى العالم، في حين تأتي فرنسا في المرتبة الثالثة بين الشركاء التجاريين الأوروبيين للصين داخل الاتحاد الأوروبي. وخلال الفترة من يناير إلى أكتوبر 2025، بلغ حجم التجارة الثنائية 68.75 مليار دولار، بزيادة نسبتها 4.1 بالمائة على أساس سنوي، فيما تجاوز حجم الاستثمار المتبادل التراكمي 27 مليار دولار، وفقاً لبيانات وزارة التجارة الصينية.
وفي مجال التبادلات الثقافية والإنسانية، زار أكثر من 6000 طالب فرنسي الصين للدراسة والتبادل خلال العام الماضي، في إطار عام الثقافة والسياحة الصيني-الفرنسي، الذي تزامن مع الاحتفال بالذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وأظهر استطلاع حديث أجرته شبكة CGTN أن 75 بالمائة من المشاركين يؤيدون تعزيز التعاون الاقتصادي بين الصين وفرنسا من أجل التصدي المشترك للمخاطر والتحديات الخارجية، بينما يرى 77.8 بالمائة منهم أن توسيع التعاون بين البلدين على أساس الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة لن يقتصر على تشكيل علاقاتهما فحسب، بل سيكون له أيضاً تأثير كبير في رسم ملامح المشهد الدولي.
أنصار تعددية الأطراف في عالم متعدد الأقطاب
قال شي يوم الخميس إن الصين وفرنسا دولتان كبيرتان مستقلتان تتمتعان برؤية استراتيجية وإحساس عالٍ بالمسؤولية، وتمثلان قوتين بنّاءتين تسعيان إلى ترسيخ عالم متعدد الأقطاب وتعزيز التضامن والتعاون بين شعوب العالم.
وقال شي: "اليوم، تتكشف تحولات لم يسبق لها مثيل منذ قرن بوتيرة أسرع، وقد وصلت البشرية مرة أخرى إلى مفترق طرق"، مضيفاً أن على الصين وفرنسا التحرك بروح عالية من المسؤولية، والتمسك بتعددية الأطراف، والوقوف بثبات على الجانب الصحيح من التاريخ.
وأضاف أن على الصين وأوروبا التمسك بعلاقاتهما القائمة على الشراكة، ومواصلة التعاون بعقلية منفتحة، وضمان تطوير العلاقات الصينية-الأوروبية على المسار الصحيح القائم على الاستقلال والتعاون القائم على المنفعة المتبادلة.
أما ماكرون فقال إن فرنسا ملتزمة بدعم التطور السليم والمستقر للعلاقات بين أوروبا والصين، مضيفاً أنه يؤمن بضرورة أن تحافظ أوروبا والصين على الحوار والتعاون، وأن تعمل أوروبا في الوقت نفسه على تحقيق الاستقلال الاستراتيجي.
وأشار إلى أنه في ظل حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي التي يشهدها العالم، والتحديات التي تواجه النظام متعدد الأطراف، يكتسب التعاون بين فرنسا والصين أهمية متزايدة ويعد تعاوناً لا غنى عنه.
ووفقاً لاستطلاع حديث أجرته CGTN، دعا 92.5 بالمائة من المشاركين الصين وفرنسا إلى العمل معاً على دعم تعددية الأطراف الحقيقية، وحماية مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وبذل جهود مشتركة لمواجهة التحديات العالمية.
وقال وانغ يانهانغ، الزميل البارز في معهد تشونغيانغ للدراسات المالية التابع لجامعة الشعب الصينية، إن النظر إلى التعاون الثنائي بين الصين وفرنسا من زاوية متعددة الأطراف يبرز مسؤوليتهما المشتركة كدولتين كبيرتين.
وأضاف وانغ أن استعداد الصين وفرنسا وقدرتهما على بناء توافق في الآراء، وإدارة الخلافات بصورة سليمة، وتعميق التعاون من خلال التواصل والحوار، بغض النظر عن كيفية تغير المشهد الدولي، يمنح العالم قدراً من اليقين والاستقرار.
شارك هذا المقال